Explore
Also Available in:

المخلوقات الفضائيّة من حولنا في كل مكان؟



بقلم: جون غ. هارتنت
ترجمة: هنري أندراوس شاهين



translated by Henry Shaheen

مع التطوّر السريع في التكنولوجيا الفضائيّة عجّل الإنسان بحثه عن الحياة خارج الكرة الأرضيّة وخاصّةً عن الحياة الذكيّة. حتّى أن هذا ولّد فرعاً جديداً في العلوم باسم عِلم الأحياء الفلكيّ [الأستروبيولوجي – وحرفيّاً الكلمة تعني دراسة الحياة النجميّة]، بالرغم من أنه لم يُعثر على أي دليل لوجود مثل هذه الحياة خلال 50 سنة من البحث. ومع التحسُّن في التلسكوبات الفضائيّة، مثل كيبلر، فمن المؤمّل وعلى نطاق واسع أن هذا الوضع سيتغيّر قريباً.

Caleb_Scharf_1



لكن ما الذي وراء هذا الإعتقاد بوجود حياة خارج الكرة الأرضيّة وعلى كواكب أُخرى حول منظومات شمسيّة أُخرى؟

أنه رفض الخالق.

وهذا يعني أنه يجب على المرء أن يُفسّر الحياة على الأرض بأنها ظهرت عفويّاً (وبالتالي، فالمنطق يقول، أنه لا بُد وأنها فعلت كذلك في أماكن أُخرى من الكوّن ولعدّة ملايين من المرّات).

ولكن كما ذكّرنا النشوئي الشهير العالِم المُختص في عِلم الأحياء الفلكيّ بول ديفس في مقالة في مجلّة سَينتفك أمريكان مؤخراً،1 بأن نشوئيين رياديين كانوا قد عارضوا في الماضي فكرة وجود كائنات فضائيّة في كل مكان.

لماذا؟ لأنهم واجهوا حتى صعوبة لا تُطاق في مُحاولة تصوّر طريقة لتطوّر نُظُم المعلومات لإنشاء حياة من كيمياء أوليّة.

ومن ثم فقد خلصوا إلى أن الحياة على الأرض يجب أن تكون مُجرّد صدفة شبه مُعجزيّه ولا يُمكن تِكرارُها، وبالتالي فنحن وحيدون. ولكن ديفس يُشير بأنه في هذا اليوم يُوجد هذا الإعتقاد المحموم وشبه العالمي بأن الحياة يجب أن تكون قد ظهرت في جميع أنحاء الكون – إلاّ أن العِلم لم يتغير (وفي الواقع، فإن حُجّة الحياة العفويّة قد ساءت مع إزدياد المعرفة في مُتطلبات أصغر خليّة2).

ويقول، هذا هو العِلم الذي يوضح أنه حتى لو كانت هناك أعداد هائلة من الكواكب الشبيهة بالأرض، فإن احتمالات الحياة بواسطة الكيمياء البحتة لا تزال ضئيلة جداً بحيث لا تكاد تُذكر. وهذا يعني، كما يقول ديفس، أن الإعتقاد الحالي في حياة تنشأ بالضرورة أينما كانت الظروف الصحيحة فهذا الإعتقاد يفترض ضمناً وجود مصدر مُبهم ذاتي التنظيم، أو قوّة حياة. ولكن ومرة ًأخرى، لا يوجد دليل على مثل هذه القوّة، كما يعترف ديفس.3

كل هذا يفضح حقيقة أن هذه المُعتقدات لا تُقيّم على أنها مقالات علميّة، ولكن إيمانيّة، ولكنه إيمان أعمى على نحوٍ مُميّز، في ذلك، يؤججه رفضٌ للخالق. ولتسليط الضوء على الأعماق الغير مألوفة التي يُمكن أن يؤدي إليها ذلك [الإعتقاد]، تأمّل في بعض أخر التعليقات من قبل عالم الفيزياء الفلكيّة في جامعة كولومبيا، البروفيسور كالب شارْفْ.4

يُشير هذا العالم المُتقد الذهن إلى أن السبب في أننا لا نجد أي مخلوقات فضائيّة (ذكيّة أو خلاف ذلك) قد يكون لأنهم من حولنا في كل مكان (أو ربما ما تبقى منهم)، حتى في بُنية المادّة وأشياء مثل العالم الفيزيائي الكميّ:

… كوّنُنا هو بقايا حياة مخلوقات فضائيّة التي تُسيطر على جميع جوانب العالم المادّي، من الجاذبيّة إلى سرعة الضوء.

وإقتراحه، الذي يهدف إلى معالجة العديد من أسرار الكون الكبيرة، يفترض أن كائنات حيّة غريبة قد تركت جميع أنواع الأدلّة، من حولنا. وهذا المفهوم يُشير إلى أنه يُفسّر المادّة السوداء، التي تمّ صُنعها من قبل المخلوقات الفضائيّة. وحتى كوّننا نفسه يُفترض أنه صناعة المخلوقات الفضائيّة الذكيّة.

في مقالة في مجلة نوتيلوس العلميّة (وليس عِلماً زائفاً، على ما يبدو)، كتب هذا المفكر الراديكالي بأن الحيّاة الغريبة [الفضائيّة] يُمكن أن تتواجد في سلوك جسيّمات دون الذريّة وتمدّد الكوّن. ونُقل عنه قوله،

ربما الحياة المتقدّمة جداً ليست فقط خارجيّة. ربما هي بالفعل في كل مكان. وهي مُضمّنة في ما نتصوره المادّة نفسها. وبعبارة أخرى، قد لا تكون الحياة في المعادلات فحسب. قد تكون هي المعادلات نفسها.4

ولأن التفكير الطبيعي لم يؤتي ثماره في الكشف عن الشّارة المُلزمة المُتوقّعة لحياة ذكيّة في مكان آخر، أو أي دليل على حياة خارج كوكب الأرض لهذه الأمر، فيبدو أن بعض المؤمنين بالماديّة على إستعداد للتوصّل إلى أفكار أكثر غرابةً. وهو يقترح أن كل شيء في الطبيعة والخليقة نفسها والقوى التي تتحكم في كل شيء، يُمكن أن تكون إما المنتوج أو على الأقل بقايا الكائنات الحيّة الغريبة والذكيّة. ومن المُفترض أنها تطوّرت منذ فترة طويلة إلى مثل هذه الحالة المُتقدّمة التي تعلّموا خلالها كيفيّة السيّطرة على كل شيء في الطبيعة، إن لم يكونوا بالفعل قد خلقوا الكثير مما نلاحظه. أي شيءٍ كان، على ما يبدو، إلاّ إعطاء المجد لله من أجل الخليقة. فقد كتب:

نحن لا نعترف بالحياة المُتطوّرة، لأنها تُشكل جزءاً لا يتجزأ لا ريب فيه مما نعتبرهُ العالم الطبيعي.

قام البعض بمقارنة نظريّته [بالفلم] المُستقبل على الأرض الشبيه بالخيال العلمي التي إفترضها البعض، الذي فيه سيكون البشر قد قاموا بتحميل أنفسهم على ركائز [طبقة] آليّة، عقولهم وجوهر شخصيتهم ويعيشون على شكل برمجيّات. على الرغم من أن التقارير الغامضة تجعل من الصعب تحديد المدى الدقيق لتخميناته، فيبدو أن شارْفْ يُلمّح إلى أن أشكال الكائنات الفضائيّة، الذكيّة بما فيه الكفاية للوصول إلينا، قد تكون قد تحولت بالفعل إلى آلات حيّة. وقد تكون هذه الكائنات الفضائيّة الأكثر تقدُّماً في واقع الأمر قد تجاوزوا ذلك ليصبحوا نظاما فيزيائيّاً مُعقّداً. وعلى ما يبدو فليس هناك شيئاً مُستبعداً؛ فقوانين الفيزياء والميكانيكا الكمّية - حتى الكوّن نفسه - يُمكن أن يكون ما تبقى من (أو تمّ صُنعه من قبل) هذه الكائنات الفضائيّة المتقدّمة جدّاً. ربما تظن أنك تنظر إلى كوّن مُنظّم وقوانين فيزيائيّة، ولكن ربما أنت في الواقع تنظر إلى خليقتهم، أو حتى بقاياهم (أحشاءهم؟). وإذا كان ذلك [الوصف] لا يُطلق لخيالك العنان، فهو يقول أيضاً:

لو كنت تُمثّل حضارة تعلمت كيفيّة ترميز الأنظمة الحيّة في [مواد] مُختلفة، فكل ما عليك القيام به هو بناء نظام نقل البيانات ذات المادّة العاديّة إلى المادّة السوداء: طابعة المادّة السوداء ثلاثيّة الأبعاد.4

يا للروعة، أهذا كل شيء؟ أنه يتحدث كما لو كان الأمر (مهما كان يعني بالأمر حقاً هنا) مهمّة هيّنة لهذه الكائنات الفضائيّة الإفتراضيّة الذكيّة. ولكن حتى الأن لم نكتشف حتى جُسيم واحد من المادّة السوداء المزعومة. لذا فإن تصريح الدكتور شارْفْ حول الطابعات ثلاثيّة الأبعاد يبدو على الأقل سابق لإوانه، الذي قد يكون الوصف الأكثر رقّةً [لفكرته].

أقترح أحد مراجع التصميم الذكيّ أن شارْفْ يبدو وكأنه يقول، عن هذه المادّة السوداء غير المعروفة حتى الآن وربما غير الموجودة،

ربما هي بالنسبة لحضارات الكائنات الفضائيّة أشبه بسحابة خَزْن التي قامت بتحميل نفسها بنفسها.5

كما أشار إلى أن التمهيد لأفكار شارْفْ قد تمّ بحثه من قبل المُلحد النشوئي كارل ساغان في واحدة من رواياته في الخيال العلمي.

وباختصار، مثل الكثيرين، فإن شارْفْ غير راغب في مواجهة حقيقة أنه لا توجد حياة خارج الأرض هناك في الخارج، وأن العمليات الطبيعيّة لا يُمكن لها أن تنشأ فقط من التفاعلات الكيميائيّة غير الموجّهة. وللهرب من هذا الاستنتاج، يدعي أننا لم نكتشف بعد حياة خارج كوكب الأرض لأنها موجودة بالفعل في كل مكان من حولنا. وكما أُشير سابقاً، أنها مجرد "جزء لا يتجزأ ولا ريب فيه مما اعتبرناه العالم الطبيعي".

يجب عليّ أن أُفكر وأتحدّث عن السعي الفكري. ربما البعض من زملائي الأكاديميين والباحثين لا يخرجون بالقدر الكافي. وبصفتي خلقيّ مؤمن في الكتاب المقدس، فلست على غير دراية باتهامات الإعتقاد بعلوم زائفة. الفكرة بأن الحياة هي عمليّة خلق خارقة للطبيعة وأن الله وضع الإنسان على هذا الكوكب الذي تمّ إعداده خصيصا للحياة، هو أمرٌ ممقوت للكثيرين، وخاصة لمن يُطلق عليهم المُفكرين الأحرار. ومع ذلك فلدينا هنا أمُر الذي بالتأكيد لا حِدّة في وصفه ليس فقط بالعلوم الزائفة ولكن تفكير من نوع أرض الوقواق.

6ومن المفارقات، فأن الخلقيين المؤمنين هُم المُتهمون بالقيام بعلوم زائفة عندما ننظر إلى العالم المخلوق من منظار الكتاب المقدس، كما فعل إسحاق نيوتن الشهير ومعظم آباء العلوم الحقيقيّة الآخرين. والآن ينظر هذا العلاّمة إلى العالم بمنظار الماديّة، مما أدى إلى ما يمكن تسميته فقط بالإستنتاجات الجنونيّة. ولكنها علوم مقبولة وتُعتبَر معقولة وإن كانت إستفزازيّة وهي تجربة تفكير، وليست أمراً يُسْخر منه بحِدّة مثل مسألة الخلق. موقع إنترنت علميّ واحد يُمثّل نموذجاً لقبول مُهتم بشكلٍ بحذر [قبول رأي العلاّمة]، يقول:

لم يتم بحث أيٍّ من هذه الأفكار من قبل الزملاء [الأكاديميين]، وهي مُجرّد رأي عالم واحد في الفيزياء الفلكيّة يتخطّى حدود ما هو ممكن نظريّاً. ولكن في الوقت الذي لا نستطيع فيه إختبار أيٍّ من هذه الأفكار فقط لحد الآن فلا يُمكننا أيضاً إستبعادها حقاً.7

وثمّة حقيقة أكيدة: لو كان نفس الأكاديمي قد شجّع علناً أمْر الخلق بحسب سفر التكوين فلن يُؤدي ذلك إلى أنواع من التداعيات والسخرية التي من شأنها أن تحدث بالتأكيد.



مــراجــع

  1. Davies, P., The Cosmos Might Be Mostly Devoid of Life, scientificamerican.com, September 2016. عودة إلى النص.
  2. Batten, D., Origin of life, 26 November 2013; creation.com/origin-of-life. عودة إلى النص.
  3. ويقترح أن إحدى الطرق لاختبار ذلك ستكون البحث عن أدلّة على أشكال حياة جديدة، مثل الميكروبات، خلاف أي حياة أرضية أخرى تماماً. ويستند هذا إلى فكرة أنه إذا كان هناك مثل مبدأ التنظيم الذاتي هذا، فعندها قد تكون الحياة قد نشأت بشكل جيد من المواد الكيميائية أكثر من مرة، لذلك فأحفاد مثل هذا ’الخلق الثاني‘ كما يسميها يُمكن اكتشافها. عودة إلى النص.
  4. Baker, N., Aliens could control mysteries like dark matter, says scientist, The Sun, 19 November 2016. عودة إلى النص.
  5. Klinghoffer, D., Alien Physics: Scientist Offers Novel Escape Hatch from Intelligent Design, evolutionnews.org, 18 November 2016. عودة إلى النص.
  6. Hartnett, J.G., Where materialism logically leads, creation.com/materialism-matters, 31 May 2016. عودة إلى النص.
  7. Macdonald, F., An astrophysicist says we might not be able to distinguish aliens from the laws of physics:What if dark matter is really just aliens?, sciencealert.com, 18 September 2016. عودة إلى النص.