Explore
Also Available in:

المرجان: الحيوان الذي يتصرف مثل النبات، ولكنه مفترس فعّال، ويصنع صخور منزله بنفسه.

بقلم: Rob Carter
قام بالترجمة: reasonofhope.com) Jack Kazanjyan)

coral-plant-animalDeposit photos.com / Dudarev Mikhail

من منا لا يحب رؤية صور الشعاب المرجانية الإستوائية؟ فهي ملوّنة وتعجّ بالحياة. إلا أنَّ هذه النُظُم البيئيّة الخلابة ما كانت لتوجد لولا جهود حيوان صغير وغريب الأطوار ويحمل اسم ”المرجان“.

هل هو نبات أم حيوان؟

لقد صمَّم الله المرجان لتكون [حيوانات] صيّادة ومزارعة على حدٍّ سواء، وهي تقوم بالوظيفتين بطريقة جيدة. ليس لها عيون لكنها قادرة على اكتشاف الضوء، وتتفاعل مع الظلال العابرة من خلال التقهقر إلى مساكنها. المرجان هي حيوانات مفترسة نشطة، تقتنص جزيئات الغذاء الصغيرة العائمة بمجسّاتها.1 وبالرغم من عدم تواجد الكثير من الغذاء في المياه الإستوائية الصافية، إلا أنها ماهرة جداً في الإستيلاء على ما هو متوفّر. هذا الغذاء (القشريات الصغيرة وبعض القطع الصغيرة من البقايا العضوية) غني جداً بالبروتين ولكنَّه لا يحتوي على كمية وافية من الكربوهيدرات (السكريات).

وبقصد استكمال نظامها الغذائي فهي مزارعات نشطة. فتلتقط حيوانات المرجان الطحالب من الماء وتوفّر لها مكاناً للحياة داخل خلاياها.2 على الرغم من أن المرجان يأتي بألوان قوس قزح، إلا أنَّ اللون الأساسي لمعظم المرجان هو لونٌ بنيّ باهت. وهذا ليس لون الحيوان نفسه، إنما هو لون ملايين الخلايا الطحلبية الصغيرة التي تمت زراعتها داخل [خلايا الحيوان].3

في عرض رائع للتبادل النفعي، يقوم المرجان بتوفير مكانٍ لطيفٍ مشمسٍ وغني بالمتطلبات الغذائية اللازمة لحياة الطحالب. ويتلقى في المقابل الكثير من الكربوهيدرات التي تنتجها الطحالب بكميات زائدة. وهي تفعل ذلك من خلال الجمع بين ثاني أوكسيد الكربون المنحلّ (CO2) مع الماء باستخدام طاقة ضوء الشمس ومن خلال عملية التركيب الضوئي المذهلة، بنفس الطريقة التي تستخدم فيها النباتات البريّة ثاني أوكسيد الكربون المتوفر في الغلاف الجوي.

Thomas Quine CC BY-SA via Wikipediacoral-polyps
في هذه الصورة، تمَّ تراجع ورم المرجان إلى الهيكل العظمي، الأمر لذي سمح لنا برؤية شكل الهيكل المرجاني والصباغ البني من الطحالب التي داخل الخلايا.

يحتوي كلٌّ من المرجان وقناديل البحر وهيدرات المياه العذبة على خلايا لاذعة، وبالتالي فهي تنتمي إلى فصيلة اللاسعات (Cnidaria). يُطلق على الجزء الرئيسي لجسم الحيوان [من فصيلة] اللاسعات اسم ”الورم“ ويتكون من الفم، والمخالب، والتجويف الهضمي. وبشكل معاكس لقناديل البحر التي تسبح بحرية، فإن المرجان يرتكز في القاع ضمن المساكن التي يقوم بإنشائها.

المرجان بالأساس هو قنديل بحر مقلوب رأساً على عقب يعيش في حفرة. ويقسم معظم العلماء المرجان إلى سبع عائلات رئيسية، والتي يمكن أن تتوافق مع سبع أنواع مخلوقة. ينتمي المرجان الذي يبني للشعاب المرجانية إلى فصيلة الزهريات الشعاعيّة (الإسم العلمي Anthozoa ومعناه الحرفي هو ”حيوانات الزَّهر“؛ ولأسباب واضحة). ومعظم الزهريات الشعاعية لديها هيكل عظمي صلب، ومع نموها المستمر فإنها تضيف إلى هيكل الشعاب المرجانية.

عندما يفكر معظم الأشخاص بالمرجان، فإنهم يتصوّرون صخرة عليها أنماط وأشكال مَرِحَة. إلا أنَّ هذه ”الصخرة“ كانت في يومٍ من الأيام موطناً للحيوان، لكن الحيوان قد صنع صخرة، مثلها مثل أصداف البحر التي كانت في يومٍ من الأيام موطناً لحلزون البحر. ويمكن للمرجان أن يموت نتيجةً لأسباب متنوعة، بما في ذلك تأثير نشاط الحيوانات المفترسة مثل نجم البحر المكلَّل بالأشواك والذي يدمّر بانتظام مساحاتٍ شاسعة من الشعاب المرجانية في منطقة المحيط الهادئ-الهندي. لكن المرجان لا يموت نتيجةً ”للشيخوخة“، لذلك يمكنها من الناحية النظرية أن تحيا إلى الأبد. والأمر الغريب هو أن أكبر المرجان حجماً ليس معمِّراً كما يبدو عليه. فكما يمكنك أن ترى، إنَّ الحيوان نفسه إنما هو رقيق جداً: حيث إنَّه يتكون من طبقات قليلة من الخلايا. فالطبقة السفلى تنتج كربونات الكالسيوم (CaCO3) وأسفلها يوجد ”الهيكل العظمي“. وسماكة الهيكل العظمي تزداد مع مرور الوقت، لكن الحيوان نفسه لا يفعل المثل. وبازدياد سماكة الهيكل العظمي، نجد أنَّه يزداد اتساعاً، فيمكن أن تبلغ مساحة المستعمرة المرجانية عدة أمتار مربعة، ولكن سماكتها لاتزال محدودة ببضعة ميلِّمِتْرات.

حيوانٌ واحد، وأفواه عديدة

كما أنَّ نموّ [المرجان] يخلق معضلة. فكيف لشيء [ذو جسدٍ] متَّسع ومسطَّح [رقيق] جداً مثل هذا أن يقوم بتغذية نفسه من خلال فمٍ واحدٍ صغيرٍ؟ إنَّ الله قد قام بحلِّ هذه المشكلة الهندسية من خلال برمجة العديد من الإستراتيجيات المختلفة في هذه الحيوانات. فالأورام في بعض المرجان تنحني وتلتَفُّ لتضيف أفواهاً إضافية عند نموّها، لتشكل المرجان الكلاسيكي [الذي يأخذ شكل] ”دماغ“. البعض الآخر يبدأ في تنمية الأورام الإضافية الناشئة لملء أي مساحة تمَّ إنشاءها في رقاقة الأنسجة وذلك أثناء النمو العرضي [الإتساع]. تنشر بعض المرجان فروعاً تشبه إلى حدٍّ كبير الشجرة، بينما يحتفظ البعض الآخر بهيئة ”الصخرة“. وفي المحصلة، إنَّ ”مستعمرة“ المرجان ليست مستعمرة حقيقيّة لمجموعة من الحيوانات الفردية، إنما هي حيوان واحد يمتلك في بعض الأحيان آلاف الأفواه. وبعض المرجان لا تقسم نفسها بهذه الطريقة، وتختار البقاء في شكل ورم كبير واحد. لكن أكبر هذه ”المرجانيات الفطريّة“ بحجم أصغر من حجم طبق العشاء.

Narrissa Spies CC BY-SA via Wikipediabubble-coral
يتمتع المرجان الفقاعي ”من جنس Plerogyra“ بمظهر ضخم ولحميّ على نحو غير اعتياديّ وهو المفضَّل لدى الخبراء من هواة نشاطات أحواض المياه المالحة.

يمكن للمرجان أن ينمو في أي مكان في المحيط، من المياه الضحلة إلى المياه العميقة4 ومن البحار الإستوائية إلى البحار القطبية. لكن نمو الشعاب المرجانية المميزة لا يحدث بشكل حقيقيّ إلا في الأماكن التي لا تنخفض أو ترتفع فيها درجة حرارة المياه أدنى أو أعلى من نطاق درجات الحرارة المناسب لعلاقات الشراكة بين المرجان والطحالب. وهذا الأمر يحدث في معظم الأحيان في المناطق الإستوائيّة. وتوجد كميات هائلة من المرجان في المياه الباردة في أماكن غير متوقعة، مثل قبالة الساحل الشمالي لإسكتلندا، ولكنه سيكون تجاوزاً أن نطلق على هذه المساحات من الفروع المرجانية المتبعثرة لقب ”شعاب مرجانية“.

المرجان ليس شعاباً مرجانية

غالباً ما يخلط الناس بين حيوان المرجان والشعاب المرجانيّة. فالشعاب المرجانية هي بقايا المرجان الميت التي صنعت بنيةً ينموا عليها المرجان الحيّ. وبمرور الوقت يتمكن من تشكيل بُنى كبيرة تحت الماء، مثل الحاجز المرجاني الكاريبي المثير للإعجاب في هندوراس وبليز ويوكاتان. لكن ”الشعاب“ المرجانية هي أيضاً مجتمعات. فالبنية المرجانية توفّر بنية لنموّ الإسفنج والطحالب، ولاختباء الأسماك، ولجولات أسماك القرش، بالإضافة إلى عدد ضخم من الكائنات البحرية التي تعيش وتتكاثر فيها. وبالتالي فإن الشعاب المرجانية تُقام من قبل المرجان، المئات وإن لم يكن الآلاف منهم، لكنها في الوقت عينه مجتمعاً للعديد من المخلوقات المختلفة.

ألا تُشكِّل الشعاب المرجانية إثباتاً لملايين السنوات؟

vilainecrevette /123RFbrain-coral
مرجان ”الدماغ“ Diploria labyrinthiformis الشائع في الشعاب المرجانية الكاريبيّة.

يعتقد أنصار التطور بأنَّ عمر الأرض يبلغ ملايين من السنوات، لكن هل هذا الإعتقاد صحيح؟ وِفق الإعتقاد التوراتي نجد أن الشعاب المرجانية قد نمت في القرون القليلة الأولى بعد الطوفان. إذ كانت درجات الحرارة، ودرجة الحموضة، ومستويات الكالسيوم مثاليةً في المحيطات مما يسمح لهذه الشعاب المرجانية بالتشكُّل. وبمجرّد أنها نمت إلى حجمها الحالي، كانت هذه الشبكات المعقدة من الأشياء الحيّة مقاومةً للمزيد من التغيّرات، لذلك استمرَّت إلى ما بعد النقطة التي كانت فيها الظروف مثاليّةً. والأمر الآخر أن نطاقها كانت يتراجع على مرّ القرون. كما أنَّه لا يوجد أي شيء ”عميق“ في السجل الأُحفوري يبدو مشابهاً لأيٍّ من الشعاب المرجانية المعاصرة، وحتى هذا التاريخ، لا يوجد أي مستحاثات للمرجان قد وُجدت بحجم يربو إلى حجم أكبر المرجان الحي في يومنا هذا. وهذا مؤشّر قوي على أن عمر الأرض لا يبلغ ملايين من السنوات.

لكن ماذا عن الحاجز المرجاني العملاق في أستراليا (GBR)، الأكبر على مستوى العالم والممتد لما يقرب من ٢٣٠٠ كم (١٤٠٠ ميل)؟ يزعم أنصار التطور أنها قديمة جداً ويعتقد معظم الناس أن حجمها الضخم أكبر من أن ينمو خلال بضعة آلاف من السنوات، فهل هم على حقّ؟

Pataporn Kuanui/123RFmushroom-coral
مرجان الفطر

في الحقيقة لا. فإنه حتى في ظلّ الرؤية العلمانية للعالم، قد كان الحاجز المرجاني الأسترالي العملاق (GBR) أرضاً مكشوفة منذ فترة تصل إلى عشرة آلاف سنة، في ذروة العصر الجليدي ”الأخير“. وبالتالي فإنهم أيضاً يعتقدون بأنها نمت خلال بضعة آلاف من السنوات. ويتفاجأ معظم الأشخاص حين يعرفون أن مجمّع الشعاب المرجانية البالغ الطول، ليس عميقاً جدّاً. والحقيقة أن (GBR) قد توسَّع على طول [شاطئ] المياه الضحلة المتُشكّل غالباً من الحجر الجيري (الذي هو رواسب الطوفان)، وقد بدات بالنمو عندما ابتدأ مستوى سطح البحر في الإرتفاع إلى مستويات اليوم وذلك عندما بدأت الصفائح الجليديّة الضخمة بالذوبان في نهاية العصر الجليدي.

إن العصر الجليدي وفق النظرة التوراتية للعالم كان قصيراً بشكلٍ نسبيّ وكان قد حدث خلال القرون الأولى بعد الفيضان. ولكن نظراً لكون العديد من الشعاب المرجانية الآن موجودة في مستوى سطح البحر، فإنها عاجزة أن تنمو أعلى من ذلك المستوى. فما هي الفترة التي يستغرقها الأمر؟ أقل من ٤٥٠٠ سنة منذ نهاية الطوفان.

شهادة عن الله

إن المرجان [حيوانات] مثيرة للإهتمام وجميلة ومعقّدة، وهي بمثابة الأساس لقيام النظام البيئي المهم للشعاب المرجانية. وهذه الأشياء بحدّ ذاتها تمجّد الله، ولكن لجعل الأمور أفضل [أوضح]، فإن حجم الشعاب المرجانية وغياب وجود حيوانات المرجان المميزة الحجم وكذلك الشعاب المرجانية المزدهرة في السجل الأحفوري يخبرنا بأنَّ الأرض ليست بالقدم الذي يدَّعيه بعض الناس.

مراجع

  1. But God would not have created corals to kill living creatures (nephesh chayyah) before death entered the world at the Fall. See Catchpoole, D., Skeptics challenge: a ‘God of love’ created a killer jellyfish? Creation 25(4):34–35, 2003. عودة إلى النص.
  2. إنَّ المصطلح التقني لهذه الظاهرة هو endosymbiosis إندوسيمبيوسيس وهو مشتق من ثلاث كلمات تعني: في الداخل (إندو) + معاً (سيم) + حياة (بيو). عودة إلى النص.
  3. الإسم العلمي لهذه الطحالب هو ”zooxanthellae“. وهي كائنات وحيدة الخلية، حقيقيّة النواة. وتنتمي إلى شعبة ”Dinoflagellata“. وكما هو حال النباتات فإنَّها تحتوي على الكلوروفيل A و C، ولكن الاصباغ الثانوية تمنحها اللون البنيّ المميز. عودة إلى النص.
  4. At least above the ‘carbonate compensation depth’, below which calcium carbonate dissolves faster than it forms. This is 4,200–5,000 m deep. عودة إلى النص.