Explore
Also Available in:

هل سيكون هناك عصرٌ جليديٌّ آخرَ؟

بقلم:
قام بالترجمة: reasonofhope.com) Jack Kazanjyan)

Polar-bear

لا زلت أذكر المرّة الأولى التي شاهدت فيها الفيلم السنمائي الذي يحمل عنوان ”1The Day After Tomorrow“. كنت شابّاً صغيراً إلى حدٍّ ما ذو مُخيّلةٍ خِصبةٍ، لذلك عندما واجه مجتمعنا المحليّ عاصفةً ثلجيةً وذلك بعد فترةٍ وجيزةٍ، ظننت أننا على أعتاب عصرٍ جليديٍّ آخر. (حتى أني ابتدأت بالتخطيط للكيفية التي سنتمكن من خلالها أنا وأُسرتي من البقاء على قيد الحياة.) الآن وبعد مضي سنوات عديدة، ومن خلال الاطلاع والفهم للعلم الذي يقف وراء حدوث العصر الجليديّ (الحقيقيّ)، أنا مقتنع تماماً بعدم وجود مبرر للخوف من أننا سنشهد ”تجمّداً كبيراً“ آخرَ. ولكن ولسوء الحظ، إن معظم الناس لا يعرفون السبب وراء حدوث العصر الجليديّ، وبأن التفسير الوحيد الذي يوضِّحُه هو النموذج التوراتيّ. وقد كان من نتائج هذا نشوء بعض الذعر والارتباك (الغير مُبَرَّرين بحسب رأيي) بشأن قضايا مثل ”الإحتباس الحراري“ وما إذا كانت الأرض تتجه إلى عصرٍ جليديٍّ آخر كما في الفيلم المذكور أعلاه. لذلك دعونا نضع حداً لهذه المخاوف.

نماذج مختلفة، واستنتاجات مختلفة

إن الصفائح الجليدية والأنهار الجليدية تغطّي اليوم ما يقارب ١٥ مليون كيلومتر مربّع من اجمالي كتلة اليابسة أي ما يقارب من ١٠ ٪ من مساحة اليابسة. ويتفق كل من العلماء المؤمنين بِقِدم الأرض أو حداثتها على أن هذا هو ما تبقّى من العصر الجليديّ. لكن هناك الكثير من الاختلاف حول عدد العصور الجليدية التي مرّت على الأرض، كذلك حول الأسباب التي تجعل العصر الجليدي يبدأ وينتهي. إن الفهم السليم لهذه القضايا سيساعدنا في الأمور المتعلّقة بكون الأرض قد تواجه عصراً جليديّاً آخر في المستقبل.

نموذج العمر الطويل للأرض

إنّ المؤمنين بأن الأرض تعود إلى مليارات السنين يجادلون بأن هنالك عصور جليديّة متعدّدة خلال تاريخ الأرض والتي انتهى أخرها منذ ما يقارب العشرة آلاف سنة.2 وقد تضمنت المُسَبِّبات المقترحة لهذه العصور الجليدية آثار اصطدام نيازك ضخمة،3 ثوران بركان هائل،4 التغييرات في بعض الأشياء مثل ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي،5 صادرات الشمس،6 ومدار القمر.7 إن النموذج الأكثر شعبية اليوم يعتمد على ما يسمى دورات ميلانكوفيتش، التي تفترض أن تتأرجح بمقدار درجتين في ميل محور الأرض الذي يحدث كل ٤١٠٠٠ سنة، وتغيّرات في مدارها الإهليلجي حول الشمس كل مئة ألف سنة، ستنتج مناخاً أكثر برودة.8 والنتائج المُقتَرَحة لهذه الآليات هي انخفاض كبير في هطول الأمطار حيث يبلغ معدل سقوط الأمطار نصف معدَّلهُ الراهن، ومتوسط درجات الحرارة في الكوكب سينخفض بمقدار خمس إلى عشر درجات مئوية تحت المُعدَّل الحالي.9

تتمثل إحدى الصعوبات الرئيسية التي تواجهها هذه الأفكار في كون التأثيرات المُقتَرَحة على درجات الحرارة العالمية هي أصغر من أن تتسبب ببزوغ عصرٍ جليديٍّ، الأمر الذي دفع العلماء المؤمنين بِقِدَم عمر الأرض إلى اقتراح المزيد من من آليات ”التغذية المرتجعة الإيجابية“ لتضخيم أثر التغيير.10 وبالرغم من هذه [الجهود] فإن أيّاً من هذه [الآليات] ليست مؤكّدة.11

ويوجد مشكلة أكبر من السابقة وهي أنّ التغيرات المقترحة يمكن أن تقدّم تفسيراً لتجمّد المحيطات،9 إلا أن مجرد تبريد حرارة الأرض لن يؤدّي إلى تراكم الجليد في القارّات، عوضاً عن ذلك سيقوم بإنتاج الصحاري الباردة، كما هو الحال في معظم شمال سيبيريا والقارّة القطبية الجنوبية في عصرنا الراهن.12 ولكي يحدث تراكم الجليد على القارّات سيكون هنالك حاجة إلى زيادة في نسبة ترسب الثلج والجليد،12 والواقع المؤسف الذي يواجه العلماء المؤمنين بقدم عمر الأرض، هو أن جميع النظريات المقترحة لا يُمكن ان تؤدي إلى أكثر من تغير في درجة الحرارة. أما التفسير المقبول للعصر الجليدي فإنه يحتاج إلى آلية13 لا توفّر درجات حرارة منخفضة فحسب، إنما تتسبب أيضاً في زيادة في نسبة ترسّب الثلج والجليد.

وختاماً، لا يزال مؤيدوا هذه الآراء في الظلمة فيما يتعلّق بتفسير سبب انتهاء العصر الجليدي، أي ما هو السبب الذي يقف وراء توقف تراكم الثلج والجليد وابتدائهما في الذوبان.14

نموذج الأرض حديثة العهد

ان هذا النموذج – وبشكل مناقض لنموذج العمر الطويل للأرض - مبني على التاريخ المستوحى من الكتاب المُقدَّس، حيث يقترح بأنّ العصر الجليدي قد حدث كنتيجة مباشرة للطوفان العالمي (الذي وقع قبل حوالي ٤٥٠٠ سنة). وهذا العصر الجليدي هو ما يُعرف من قِبَل المُعتقدين بقدم عمر الأرض على أنه العصر البليستوسيني [اي العصر الجليدي الحديث] وهو يوافق (١،٨ مليون عام وفق الجدول الزمني للمؤمنين بقدم عمر الأرض)، علماً أنه قد وقع منذ مدة زمنية أقصر بكثير – حوالي ٧٠٠ عام. أما بالنسبة إلى ”العصور الجليدية المبكرة“ المٌفترضة2، فإن فحص الأدلة يشير إلى أنّ سماتها تختلف عن سمات العصر البليستوسيني. وأفضل تفسير يمكن تقديمه هو أنها عبارة عن انطلاقات أرضية ضخمة حدثت تحت الماء ونتجت عن تحرك الكميات الضخمة من الرواسب خلال الطوفان.15

بشكل مخالف للعلماء المؤمنين بِقِدَم عُمر الأرض، يمتلك العلماء المؤمنين بحداثة عهد الأرض نموذجاً علمياً يعتمد على أحداث الطوفان التي يمكن أن تقوم بتفسير كل من بداية ونهاية العصر الجليدي.16 كما أن الأنشطة الكارثية والتكتونية والبركانية التي حدثت أثناء الطوفان من شأنها أن تجعل مياه المحيطات في فترة ما بعد الطوفان أكثر دفئاً مما هي عليه اليوم (يدل على ذلك العينات الجليدية العميقة). وقد تسبب ذلك في ارتفاع معدل التبخر مما تسبب بزيادة ترسب الثلوج والجليد، الأمر الذي سمح بتراكم الجليد في القارّات.

علاوةً على ذلك، فإن كل هذا النشاط البركاني سيقوم بإطلاق الغبار البركاني والهَبَاء الجوي عالياً في الغلاف الجوي، مما يتسبب في انعكاس نسبة أكبر من أشعة الشمس إلى الفضاء الخارجي، الأمر الذي يُبقي الأجزاء الداخلية من القارات أكثر برودةً في الصيف أكثر مما هي عليه في يومنا الأخضر. وهذا بدوره سيمنع الذوبان الكامل للثلج والجليد المتراكمين في القارات في فصل الصيف التالي، مما يسمح للجليد بالارتفاع من سنة إلى أُخرى.

يقدر بأن الطبقات الجليدية قد استمرت بالتراكم لمدة ٥٠٠ عام بعد الطوفان.16 وبمجرّد أن تبرَّدت المحيطات (انخفض معدَّل التبخُّر) وتم التخلُّص من الغبار والهباء الجوي، ابتدأ تراجع حجم الألواح الجليدية التي تراكمت في القارات إلى الحد الذي هو عليه اليوم وقد يكون ذلك استغرق مدة تقرب من ٢٠٠ علم. وبهذه الطريقة، يقوم الطوفان العالي بتوفير الظروف الضرورية لبداية ونهاية العصر الجليدي، وقد قادت نهاية العصر الجليدي إلى التقلبات النموذجية لدرجات الحرارة التي نشهدها في عصرنا الراهن.17

فهل سيكون هنالك من عصرٍ جليديٍّ آخرَ؟

ان نموذج الأرض قديمة العهد لا يتطلب فقط وقوع عدد من العصور الجليدية في الماضي، إنما يشير أيضاً إلى أنَّ الأرض ستواجه المزيد من العصور الجليدية في المستقبل.19،18 لكن نظراً لعدم وجود اجماع بين العلماء المؤمنين بالأرض قديمة العهد فيما يتعلق بالأسباب التي تؤدي إلى وقوع العصر الجليدي، فيوجد صعوبة كبيرة في توقع وقت حدوثها وذلك وفقاً لنموذجهم.19

في وقت نفسه الذي يعتقد الكثيرون بأن الإحتباس الحراري سينقذنا من العصر الجليدي القادم، نجد أيضاً وسائل الإعلام تعكس انطباعاً بأن الاحتباس الحراري هو ما سيسببه، وذلك من خلال تأثيراته المفترضة على دورات المحيط [أي معدلات كل من تبخرالمياه وهطول الأمطار]. إلا أن هذه التأثيرات المقترحة للاحتباس الحراري ليست كافية للتسبب بوقوع عصر جليدي جديد.20

بالرغم من كون التاريخ المسجل في سفر التكوين يشير ضمناً إلى أن الأرض هي نظام مستقر للغاية، وذلك بالأخذ في الاعتبار أن مناخها قد عاد إلى التوازن في أعقاب الانجراف المناخي الكبير الذي تسبب به الطوفان.12 فإن هذه المعرفة يمكن أن تفيدنا بشكل فيما يتعلق بطريقة تفكيرنا حول النماذج [المقدمة للعصور الجليدية] والمخاوف المناخية وطريقة استجابتنا لها.

لن يكون هنالك عصرٌ جليديٌّ آخرَ في المستقبل

بغض النظر عن الضجيج الذي يُقدَّم عبر وسائل الإعلام، فإنه يمكننا أن نتوقَّع بأمان أن العالم لن يرى عصراً جليدياً آخر. وقد تم تقديم هذه التوقعات على أساس الثقة بكون الرواية التي يقدمها سفر التكوين عن الطوفان هي حقيقيّة، وأن الطوفان الذي حدث في أيام نوح هو ما تسبب في انطلاق العصر الجليديّ. في التكوين ١١: ٩ نجد أن الله قد قطع عهداً مع نوح قائلاً: ”أُقِيمُ مِيثَاقِي مَعَكُمْ فَلاَ يَنْقَرِضُ كُلُّ ذِي جَسَدٍ أَيْضًا بِمِيَاهِ الطُّوفَانِ. وَلاَ يَكُونُ أَيْضًا طُوفَانٌ لِيُخْرِبَ الأَرْضَ.“منطقياً، إن كان العصر الجليديّ قد انطلق كنتيجة للطوفان (وهو النموذج الوحيد حتى الوقت الراهن الذي يقدم تفسيراً منطقياً لأسباب انطلاق العصر الجليدي)، ثم على اعتبار أن الله قد وعد بأنه لن يكون مثل ذلك الطوفان مرّة جديدة، حينئذٍ لا ينبغي لنا أن نتوقع عصراً جليدياً آخر.21 أبداً.

مراجع

  1. See Vallorani, B., Movie Review: The Day After Tomorrow; creation.com/day-after-tomorrow. 31 May 2004. عودة إلى النص.
  2. Old-earth scientists typically argue for a total of five major glaciation events: the Huronian, the Cryogenian, the Andean-Saharan, the Karoo, and the Quaternary (or Pleistocene); see Marshall, M., The history of ice on Earth; newscientist.com, 24 May 2010. عودة إلى النص.
  3. Jones, N., Evidence found for planet-cooling asteroid; nature.com, 2 September 2013. عودة إلى النص.
  4. Ambrose, S.H., Late Pleistocene human population bottlenecks, volcanic winter, and differentiation of modern humans, Journal of Human Evolution 34(6):623–651, June 1998. عودة إلى النص.
  5. Eldredge, S., and Biek, B., Ice ages—what are they and what causes them? Survey Notes 42(3), September 2010; geology.utah.gov. عودة إلى النص.
  6. Welsh, J., Global warming or little ice age: Which will it be? livescience.com, 21 June 2011. عودة إلى النص.
  7. Schirber, M., Ice ages blamed on tilted Earth; livescience.com; 30 March 2005. عودة إلى النص.
  8. Abe-Ouchi, A., Saito, F., Kawamura, K., Raymo, M. E., Okuno, J., Takahashi, K., and Blatter, H., Insolation-driven 100,000-year glacial cycles and hysteresis of ice-sheet volume, Nature 500(7461):190–193, 8 August 2013. عودة إلى النص.
  9. Zimmermann, K.A., Pleistocene epoch: Facts about the last ice age; livescience.com, 9 October 2013. عودة إلى النص.
  10. University of Exeter, Direct evidence for a positive feedback in climate change: Global warming itself will likely accelerate warming; sciencedaily.com, 30 March, 2015. عودة إلى النص.
  11. Oard, M.J., Wild ice-core interpretations by uniformitarian scientists, J. Creation 16(1):45–47, April 2002; Sibley, A., Likely causes of the Ice Age, J. Creation 18(2): 83–90, August 2004. عودة إلى النص.
  12. Walker, T., The Geologic Record; in: Evolution’s Achilles’ Heels, (Ed.) Robert Carter, Creation Book Publishers, Powder Springs, GA, p. 188, 2014. عودة إلى النص.
  13. The need for “a complicated dynamic interaction” between several climatic and geographic features was noted by an old-earth scientist in Maasch, K.A., What triggers ice ages? pbs.org, 1 January 1997. عودة إلى النص.
  14. Biello, D., What thawed the last ice age? scientificamerican.com, 4 April 2012. عودة إلى النص.
  15. Oard, M.J., Ancient Ice Ages or Gigantic Submarine Landslides? Creation Research Society Books, Chino Valley, AZ, 1997; Molén, M., Diamictites: ice-ages or gravity flows? in Walsh, R. E. and Brooks, C. L. (Eds.), Proceedings of the Second International Conference on Creationism, Creation Science Fellowship, Pittsburgh, PA, pp. 177–190, 1990. عودة إلى النص.
  16. Oard, M.J., An Ice Age Caused by the Genesis Flood, Technical Monograph, Institute for Creation Research, El Cajon, CA, pp. 135–149, 1990; Snelling, A. A., Earth’s Catastrophic Past: Geology, Creation, & the Flood [Volume 2], Institute for Creation Research, Dallas, TX, 773–778, 2009. عودة إلى النص.
  17. Gallop, R.G., Evolution: The Greatest Deception in Modern History, Red Butte Press, Jacksonville, FL, p. 72, 2011. عودة إلى النص.
  18. Sheldrick, G., Scientist predicts earth is heading for another Ice Age; express.co.uk, 29 March 2013. عودة إلى النص.
  19. Edmonds, M., Will there be a new Ice Age? geography.howstuffworks.com, accessed 24 May 2015. عودة إلى النص.
  20. Weaver, A.J., and Hillaire-Marcel, C., Global warming and the next Ice Age, Science 304(5669):400–402, 16 April 2004. عودة إلى النص.
  21. This would not preclude a future period of cooler temperatures due to, for example, reduced solar activity. But as shown, that is not the type of ice age the earth has had, with huge volumes of ocean water locked up in vast continental ice sheets. Simply cooling the earth would mean less evaporation from the oceans to form ice. عودة إلى النص.